الفعل الالهي كما هو محدد في القرآن لا يصدر بمحض القدرة الالهية المطلقة-مع قدرة الله على ذلك- ولكنه يصدر عبر توسطات جدلية ، إذ يبتديء"أمرا" ثم يتحقق عبر "الارادة " حتى ينتهي إلى التشيؤ وذلك ما تدل عليه الاية "إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون " بتفكيك دلالات هذه الاية وتحليل مفرداتها يكون امر الله "كن فيكون " متحققا عبر إرادة تنتهي الى تشيؤ فالاية حاملة لهذه التوسطات الجدلية وليست نافية لها..والمعنى المنهجي في ذلك ان الله لا يستلب بقدرته المطلقة الانسان ولا قوانين الطبيعة ، حتى أن آية أخرى تدل في ظاهرها على الاطلاق وهي "وما أمرنا إلا واحدة كلمح بالبصر" أتت مسبوقة بآية توضح هذه التوسطات الجدلية "إنا كل شيء خلقناه بقدر " فالمسألة لاتنتهي هنا عند التساؤل فيما إذا كان آدم أول البشر أولا ، بل تبدأ وتنتهي بالتساؤل عن علاقة الفعل الالهي بالصيرورة في الزمان والمكان وهل يستلب الفعل الالهي حقائق الوجود الانساني وقوانين الطبيعة بحيث لا نركن اليها أو نحاول اكتشافها ، أم أن الفعل الالهي ياتي ضمنها عبر التوسطات الجدلية ، فالمسألة ترتبط بصميم وجودنا ومستقبلنا الحضاري ..